عقدت "هيئة التفاوض السورية"، اجتماعاً مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا السيد غير بيدرسن وفريقه، في مدينة جنيف، وناقشت ضرورة تحريك العملية السياسية، والدور الذي يمكن أنْ تلعبه الأمم المتحدة ومجلس الأمن للمضي قدماً في تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بالقضية، وإيجاد آليات مُلزمة تمنع أي طرف من تعطيل الحل السياسي.
وخلال اللقاء الموسّع الذي جرى مع انطلاق الاجتماع الدوري لهيئة التفاوض السورية، أعرب رئيس الهيئة الدكتور بدر جاموس عن أمله أنْ يكون للأمم المتحدة دور فاعل في تحريك الملف السياسي، وإيجاد آليات لتحريك المفاوضات التي يُعطّلها النظام، مؤكداً أنَّ الهيئة شريكة للأمم المتحدة لقناعتها بأن الحل السياسي وفق القرار الأممي 2254 هو الحل الوحيد لإنهاء المأساة السورية وتحقيق الأمن والاستقرار المستدام.
وأشار إلى أهمية وضع أفكار عملية لتحريك العملية السياسية، مؤكداً أنَّ أي محاولة لبعض الدول لحل مشاكلها على حساب الشعب السوري أمر مرفوض كلّياً، وسيرتد عليها بمشاكل إضافية.
وأكّد د. جاموس على وجود رؤية موحدة لهيئة التفاوض وجماعات المجتمع المدني وشرائح واسعة من السوريين، وأنَّ التنسيق بات أعمق وأوضح مع المجتمعات السورية داخل سوريا وفي الشتات، بسبب قناعة الهيئة لأهمية العمل المشترك والتكاملي لتحقيق الحل السياسي المنشود.
وحمَّل النظام السوري، ومعه أيضاً الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن والدول التي تقف إلى جانب النظام مسؤولية تعثّر الحل السياسي، وفي نفس الوقت أكَّد استعداد الهيئة لبحث الحل الشامل المتضمن للسلال الأربعة، على أنْ يكون بينها بطبيعة الحال سلّة الحكم الانتقالي أيضاً، وأعرب عن استعداد اللجنة الدستورية وضع مسودة دستور أو فصول كاملة من دستور مُقترح إنْ كانت هناك جدّية لدى النظام السوري كردٍّ على الخلاف على مكان انعقاد اجتماعات الهيئة.
وطالب د. جاموس الدول الصديقة والأمم المتحدة بالاهتمام بملف التعليم، وتوفير التعليم الجيد والمتساوي لجميع الطلبة السوريين، وتشكيل لجنة أممية للإشراف على واقع التعليم الذي يعمل النظام وبعض الأطراف ذات التوجّه الانفصالي بترسيخ التقسيم من خلال المناهج المختلفة التي تقدّمها.
وحذَّر من أنَّ الانتخابات التي تجهز لها الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا هي محاولة للتقسيم من قبل إدارة غير شرعية تتبع لمنظمة مصنفة كمنظمة إرهابية، كما رفض الانتخابات البرلمانية التي يُجريها النظام لأنَّها لا تستند إلى أي شرعية قانونية.
وحذَّر من استخدام مصطلحات البيئة الآمنة والمحايدة في غير مفهومها الصحيح، وضرورة ألا يكون موضوع التعافي المبكر وسيلة لمساعدة النظام أو للتطبيع المجاني، وضرورة استخدام مصطلح بناء إجراءات الثقة بدلاً منه باعتبار أنَّ البيئة الآمنة والمحايدة من مهام هيئة الحكم الانتقالية في سياق الحل السياسي.
من جهته، أكَّد السيد بيدرسن استمرار التوافق الدولي بخصوص القرار 2254 كحل سياسي وحيد للقضية السورية، مشيراً إلى أنَّ مجلس الأمن كلّه يدعم هذا القرار، لكن هناك وجهات نظر مختلفة حول طريقة تطبيقه، وحذَّر من أنَّ عدم إحراز تقدّم في العملية السياسية سوف يؤثر سلباً على كل الملفات الأخرى المتعلقة بسوريا، وأعرب عن عدم ارتياحه لتطور الوضع في سوريا.
وأشار إلى أنَّه لا يوجد طرف واحد يمكن أن يحقق استقرار سوريا، والدفع بالعملية السياسية هناك حاجة لمقاربة شاملة، تشارك فيها المعارضة السورية ممثلة بهيئة التفاوض، وللحكومة السورية، والأطراف الأربعة الأكثر تأثيراً في القضية السورية، وهي الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا، كما أنَّ هناك حاجة لدعم من قبل الدول العربية والاتحاد الأوروبي.
ونبَّه المبعوث الأممي إلى الانهيار الاقتصادي في سوريا، ووجود ما يقرب من 17 مليون سوري يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، ونبَّه من ازدياد الاحتياجات في وقت يتراجع فيه التمويل الدولي.
وفيما يتعلق باللجنة الدستورية، قال إنَّ الطرف الروسي رفض القدوم إلى جنيف وتجاوب معه النظام السوري، وكان هناك محاولات لعقد اجتماعات اللجنة الدستورية في عواصم عدة باءت بالفشل جميعها، ورفضت غالبيتها من قبل النظام، ولهذا فإنَّ جنيف سيبقى الخيار المطروح والواقعي إلى أنْ تتوافق الأطراف السورية على خيار آخر، مشيراً إلى أنَّه اقترح على حكومة النظام تحضير مسودة دستور أو على الأقل فصول دستورية، كما وضع هذا التحدي أمام المعارضة السورية، في محاولة للتغلب على عامل المكان وعدم تعطيل عمل اللجنة.
وأكّد أخيراً أنَّه لا يمكن للجنة الدستورية أو أي مبادرة أخرى أنْ تحل الأزمة السورية، بل هناك حاجة لمقاربة شاملة تبدأ بالحل السياسي، وتفعيل عمل اللجنة الدستورية، وملف الانتخابات، وإجراءات بناء الثقة، وملف اللاجئين والنازحين، وترسيخ السيادة السورية وغيرها، وجميعها ملفات مرتبطة بالعملية السياسية.
وشارك في الاجتماع أعضاء الهيئة ممثلو المكونات، وعدد من ممثلي منظمات مجتمع مدني ومراكز أبحاث سورية، وقدَّم بعض الأعضاء وبعض الضيوف من جماعات المجتمع المدني مداخلات تتعلق بالحل السياسي، وطُرحت أسئلة تتعلق بمنهجية عمل المبعوث الأممي وإستراتيجياته.