دون مشاركة وفد من حركة حماس، استضافت الدوحة الخميس والجمعة جولة مفاوضات شاركت فيها أيضا وفود من إسرائيل والولايات المتحدة ومصر.
لكن حسب ما كتبه المحلل الإسرائيلي البارز في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية ناحوم برنياع فإن "نتنياهو قضى على فرصة التقدم في المفاوضات. انتهى الحفل على الأقل في هذه المرحلة".
وأضاف أن "الانفجار (في المفاوضات) كان بالفعل حول محور فيلادلفيا (على الحدود بين غزة ومصر)، وكان من الممكن أن يحدث أيضا حول قضايا أخرى".
ودون إيضاحات، تابع: "في مناقشتين جرتا الأربعاء، إحداهما بعد الظهر في منتدى محدود والأخرى في مؤتمر عبر الهاتف لبلاد، أبطل نتنياهو فرصة التقدم في المفاوضات".
والأحد، كشفت حماس، عبر بيان، أن نتنياهو وضع شروطا جديدة في المقترح الذي جرى التفاوض حول بنوده بالدوحة.
وأوضحت أن "المقترح الجديد يستجيب لشروط نتنياهو ويتماهى معها، وخاصة رفضه لوقف دائم لإطلاق النار، والانسحاب الشامل من قطاع غزة، وإصراره على مواصلة احتلال مفترق نتساريم (يفصل بين شمال وجنوب القطاع) ومعبر رفح وممر فيلادلفيا (جنوب)".
"كما وضع نتنياهو شروطا جديدة في ملف تبادل الأسرى، وتراجع عن بنود أخرى؛ ما يحول دون إنجاز صفقة التبادل"، حسب البيان.
زيارات مجمدة
ووفق برنياع، "كان من المفترض أن يتوجه رئيس قسم الاستراتيجية بهيئة الأركان العامة اللواء إليعيزر توليدانو إلى القاهرة ليلا مع كبار مسؤولي (الأمن العام ) الشاباك؛ لإجراء محادثات مع المصريين".
واستطرد: "كما كان من المفترض أن يذهب إلى القاهرة منسق العمليات بالمناطق الفلسطينية اللواء غسان عليان، لكن نقلا عن مصدر إسرائيلي مشارك بالمفاوضات فإن هذه الرحلات خاملة (مجمدة)".
ومرارا، أعلنت القاهرة رفضها سيطرة إسرائيل، منذ مايو/ أيار الماضي، على محور فيلادلفيا ومعبر رفح البري بين غزة ومصر.
وقال بارنياع إن "القمة المقررة نهاية الأسبوع الجاري (جولة المفاوضات)، بحضور فريق التفاوض الإسرائيلي وممثلي الوسطاء، قد يتم إلغاؤها أو تأجيلها أو عقدها فقط للاستعراض".
ووصف التفاؤل الذي ظهر في تقارير وسائل إعلام أجنبية في الأيام الأخيرة بشأن إمكانية وقف إطلاق النار وتبادل أسرى بأنه "مجرد تلاعب".
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حربا على غزة، خلّفت نحو 133 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
محور فيلادلفيا
والسبب الرئيسي لفشل المفاوضات، وفق بارنياع، هو "الانفجار (الخلاف) حول محور فيلادلفيا.. نتنياهو يصر على وجود عسكري إسرائيلي على كامل طول المحور؛ بينما تصر حماس على الانسحاب الإسرائيلي".
وأردف أن "نتنياهو يبرر موقفه بالتزامه بشرط استراتيجي، هو أنه يجب على إسرائيل أن تحاصر غزة من كل مكان. نستطيع السيطرة على البحر وخط الحدود مع إسرائيل، لكن الانسحاب من فيلادلفيا سيفتح طريق تهريب من مصر".
بارنياع استدرك: "لكن الجيش ووزارة الدفاع يختلفان حول الموضوع، إذ اتثبت اختبارات أجراها الجيش منذ سيطرته على المحور أن معظم عمليات التهريب كانت تتم من المعبر".
وتابع: "لكن نتنياهو يرى أنه إذا لم يكن تواجد الجيش مضمونا على طول المحور بأكمله، فلن يكون هناك اتفاق".
وزاد بأن "نتنياهو يريد إطلاق سراح الرهائن (الأسرى الإسرائيليين بغزة) ، لكنه غير مستعد للتخلي عن وهم انتصاره الكامل وهو غارق في أوهامه".
ممر نتساريم
برنياع تطرق أيضا إلى ممر نتساريم، الذي يقسم قطاع غزة، ويريد نتنياهو آلية لضمان عدم انتقال المقاتلين الفلسطينيين عبره من جنوبي إلى شمالي قطاع غزة.
وقال إن "نتنياهو تراجع عن الاتفاق مع الأمريكيين بشأن ممر نتساريم، كما ورد في الخطوط العريضة لبايدن-نتنياهو في 27 مايو/أيار".
وأضاف: "حسب مصدر، فإن مسألة انتقال الفلسطينيين من وسط قطاع غزة إلى الشمال وهل سيوجد تفتيش إسرائيلي أم لا، لم تطرح في جولة الدوحة".
وبيَّن أن "مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز قرر التركيز على محور فيلادلفيا؛ فإذا لم يكن هناك اتفاق بشأنه، فلن يكون هناك اتفاق من الأساس".
ومساء الأحد، جدد نتنياهو التأكيد على تمسكه ببقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، وفق بيان لمكتبه.
ويتهم مسؤولون أمنيون والمعارضة وعائلات الأسرى الإسرائيليين نتنياهو بعرقلة التوصل إلى اتفاق؛ خشية انهيار حكومته؛ إذ يهدد وزراء اليمين المتطرف بالانسحاب منها وإسقاطها، في حال قبلت باتفاق ينهي الحرب على غزة.
وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
كما تتحدى إسرائيل طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.