أضاف رجل الأعمال السوري، الذي طلب عدم كشف اسمه، أن المناخ بدول الخليج العربي “بدأ يتراجع” خاصة مع زيادة فرض الضرائب على الأعمال والاستيراد، على عكس ما كان بالماضي، لكن البيئة العامة بالإمارات وقطر وعمان مشجعة أكثر من تركيا، نظراً للاستهداف والتحريض المستمرين من بعض الأحزاب. وقال: “الاستثمار ليس ربحاً فقط بل أماناً بالدرجة الأولى”، مشيراً بالوقت نفسه إلى تراجع عدد العمال السوريين بتركيا، الأمر الذي يزيد من تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع أجور العمالة.
ولفت رجل الأعمال العامل بقطاع الخدمات والنقل، إلى أن العديد من رجال الأعمال السوريين نقلوا أعمالهم إلى “عمان وقطر والإمارات ومصر”، وأن تركيا “ستلمس آثار هجرة العمال والرساميل من خلال بيانات نهاية العام” سواء على صعيد الصادرات أو السياحة. وأشار إلى أن السياح العرب تراجعوا كثيراً هذا العام، مضيفاً: “ترى المنشآت السياحية شبه فارغة في مدن البحر الأسود وبورصة وحتى شارع الاستقلال بإسطنبول”.
وكان اتحاد غرف الصناعة والتجارة والبورصات التركية قد كشف انخفاض عدد الشركات السورية المسجّلة خلال النصف الأول من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وكشف الاتحاد عن تسجيل 37 شركة جديدة برأس مال سوري في تركيا في الفترة ما بين مطلع يناير/كانون الثاني ونهاية يونيو/حزيران 2024؛ وهو ما مثل ثلث ما سجله سوريون من شركات في الفترة نفسها من عام 2023.
وقال الاتحاد: “بلغ إجمالي رؤوس أموال الشركات السورية المسجلة في تركيا خلال الفترة المشمولة بالتقرير 43 مليوناً و300 ألف ليرة، بعد أن كان 122 مليوناً و950 ألف ليرة في الفترة نفسها من عام 2023”. وأشار إلى أنه في النصف الأول من العام الحالي تم تسجيل غالبية الشركات السورية في إسطنبول، وكان عددها 21 شركة. وقال إن “إجمالي رؤوس أموال الشركات السورية المسجلة في إسطنبول يبلغ 17 مليوناً و300 ألف ليرة فقط”.
ويرى الاقتصادي التركي خليل أوزون أن تراجع تأسيس الشركات السورية “سيضر الاقتصاد التركي” على صعيد الإنتاج والتصدير، كما ستتراجع الوفود السياحية من الدول العربية، لأن السوريين استطاعوا، حسب رأيه، جذب السوريين المغتربين والعرب للسياحة بتركيا، خلال السنوات الماضية.
ويضيف أوزون لـ”العربي الجديد” أن العنصرية التي نمتها أحزاب معارضة أساءت للسياحة التركية بشكل عام، كما أثرت بجذب الاستثمارات من منطقة الخليج وهجرة الرساميل والمنشآت السورية. وقال: “نلحظ ذلك ومعهم حق”، مشيراً إلى الاستهداف غير المبرر الذي يلقاه لاجئون سوريون ورجال الأعمال، خلال الأشهر الأخيرة.
وحول آثار هجرة العمالة السورية، يشير الاقتصادي التركي إلى أنها ستزيد من تكاليف الإنتاج وأن العمالة الأفريقية لن تملأ الفراغ الذي يتركه العمال المهرة السوريون، حيث بدأت الآثار تظهر بقطاع الزراعة والورش النسيجية وحتى أعمال البناء. وأضاف: “قرأنا عن إغلاق لمنشآت صغيرة بإسطنبول وأخرى بولاية قيصري”.
وكان رئيس قسم التحليل في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، ومقره إسطنبول، سمير عبد الله قد أكد لـ”العربي الجديد” أن هناك معامل توقفت بالفعل عن الإنتاج في بعض الولايات التركية، بعد العودة الكبيرة “طوعاً أو قسراً” للسوريين من تركيا. وأكد أن ترحيل السوريين أدى إلى نقص حاد في العمالة الرخيصة، ما ترك أثراً واضحاً بالمشاريع المتوسطة والصغيرة، لا سيما في القطاعات الصناعية والزراعية.
ويضيف عبد الله أن المنشآت التركية بدأت تواجه تحديات كبيرة في العثور على بديل مناسب، خصوصاً في ظل عزوف الأتراك عن العمل في هذه المهن الشاقة التي لا تتماشى مع تطلعاتهم في ما يتعلق بالأجور وظروف العمل. ويذكر أن السوريين احتلوا منذ عام 2013، ولغاية مطلع العام الجاري، المرتبة الأولى بين الدول العربية في عدد الشركات، وذلك بتأسيس 10,093 شركة في تركيا، بينما تأتي السعودية في المرتبة الثانية بـ 3,264 شركة، والعراق في المرتبة الثالثة بـ2,924 شركة.