كشفت مواقع إعلام غربية، عن مباحثات تجرى داخل الإدارة الأميركية لوقف العمل بـ "قانون قيصر" الذي أقرّته واشنطن عام 2019، وفرضت بموجبه عقوبات صارمة ضد نظام الأسد والدول التي تتعاون معه، وذلك لمدة معينة، لدعم التعافي في سوريا في المرحلة الانتقالية.
ونقل موقع "العربي الجديد" عن مصادر، أنه من المتوقع أن تتخذ الإدارة الأمريكية هذه الخطوة قبل تولي الرئيس دونالد ترامب الرئاسة في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل.
وعلى مدار الأيام الماضية، سعت مجموعات سورية أميركية، على رأسها المجلس السوري الأميركي، خلال لقاءاتها بأعضاء الكونغرس، إلى محاولة حذف البند الخاص بقانون قيصر من مشروع قانون تمويل الدفاع الأميركي، نظرا إلى تغير الوضع السياسي بعد رحيل النظام، غير أن ضيق الوقت أدى إلى فشل محاولات حذف بند العقوبات، وفق ما أوضح فاروق بلال، رئيس المجلس السوري الأميركي.
وسبق أن طالب "أحمد الشرع" القائد العام لـ "إدارة العمليات العسكرية"، برفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، كذلك المفروضة على "هيئة تحرير الشام" المصنفة على قائمة المنظمات الإرهابية، مؤكداً أن سوريا أنهكتها الحرب وأنها لا تمثل تهديدا لجيرانها أو للغرب
وكانت طالبت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في بيان لها الاثنين 16 كانون الأول، برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا بعد سقوط نظام الأسد، لافتة إلى أن العقوبات الاقتصادية والسياسية ارتبطت بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد
وقالت الشبكة، إن العقوبات التي فرضت على نظام الأسد كانت بسبب الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتكبها منذ آذار 2011، وبسبب فشل مجلس الأمن الدولي في وقفها فرضت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول عقوبات اقتصادية وسياسية كتعويض عن هذا الفشل وكأداة لمحاسبة النظام، والضغط على نظام الأسد لتغيير سلوكه الإجرامي، ولدفعه للقبول بحل سياسي.
وأضاف البيان أنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان دعمت استخدام العقوبات كأداة ضد نظام الأسد، لا سيما ضد الأفراد المتورطين في الانتهاكات الجسيمة. وعلى مدار سنوات، ساهمت الشَّبكة في إدراج العشرات منهم على قوائم العقوبات. لكن التحول الكبير في المشهد السوري مع سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، ترى الشَّبكة أنَّ العقوبات قد فقدت مبررها كوسيلة للردع والعقوبة، والتغيير السياسي.
ولفت البيان إلى أنَّ استمرار العقوبات، في ظل غياب النظام السابق، قد يؤدي إلى تحولها من أداة للمساءلة إلى عائق أمام جهود التعافي السوري، حيث تواجه البلاد اليوم تحديات هائلة تتطلب جهوداً كبيرة لإعادة بناء البنية التحتية، واستعادة الخدمات الأساسية، وتنشيط الاقتصاد.
وأكدت أن الإبقاء على العقوبات الاقتصادية يهدد بتقويض الجهود الإنسانية، ويعيق تدفق الموارد الحيوية، مما يزيد من تعقيد مهام المنظمات المحلية والدولية في تقديم المساعدات وإعادة الإعمار.
كما يمثل استمرار العقوبات عقبة رئيسة أمام عودة اللاجئين والنازحين، ويعرقل جهود الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، والشركات الخاصة، وذلك بفعل القيود المفروضة على المعاملات المالية والتجارية، والتي تحول دون تأمين المواد الأساسية أو تحويل الأموال اللازمة لدعم المتضررين.
وأضاف البيان أنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان تدعو إلى الإبقاء على العقوبات الفردية التي تستهدف نحو 300 شخصية من رموز نظام الأسد، مثل (بشار الأسد وأسماء الأخرس وماهر الأسد، رامي مخلوف، أيمن جبر، علي مملوك، جميل حسن، عبد السلام محمود)، لضمان ملاحقتهم ومحاسبتهم.
وشدد البيان على ضرورة أن يكون رفع العقوبات مشروطاً بوجود آليات رقابية صارمة وشفافة لضمان عدم تسرب الأموال إلى جهات فاسدة أو متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان. كما تطالب الشَّبكة بأن تلتزم الحكومة السورية الجديدة بمعايير حقوق الإنسان، وتنفيذ إصلاحات تعزز العدالة والمساواة داخل المجتمع السوري.
وقدم البيان عدد من التوصيات، منها إلى المجتمع الدولي من خلال رفع العقوبات عن المؤسسات السورية: العمل على رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على المؤسسات والبنوك السورية، مع ضمان تنفيذ إصلاحات سياسية وقانونية في مجال حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية.
كذلك الإبقاء على العقوبات الفردية من خلال ضمان استمرار العقوبات على الأفراد المرتبطين بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مع تطبيق آليات صارمة للمساءلة وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
وأوصت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بالتوسط في رفع العقوبات من خلال تقديم الدعم الفني والاستشاري للحكومة السورية والمجتمع الدولي لضمان رفع العقوبات بطريقة فعالة، ومراقبة تنفيذ الإصلاحات: تعزيز آليات الرقابة الدولية لمتابعة تنفيذ الحكومة السورية للإصلاحات المطلوبة.
وأكدت على ضرورة دعم إعادة الإعمار والانتقال السياسي: تقديم المساعدات التقنية والمالية لدعم إعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار السياسي، مع ربط هذه المساعدات بتقدم الحكومة في تحقيق معايير الحوكمة والشفافية.