أخبار سوريا

مخطط تركي في سوريا ينسف طموحات إسرائيل الإقليمية

حذرت مراكز أبحاث إسرائيلية من خطر سعي تركيا لإنشاء ثلاثة مشاريع للطاقة في سورية، بعد انهيار نظام الأسد، إذ ينافس بعض تلك المشاريع خطط تل أبيب لتوريد الغاز إلى أوروبا، ما سيضر بدولة الاحتلال، وينسف طموحاتها الإقليمية.

مخطط تركي في سوريا ينسف طموحات إسرائيل الإقليمية
23-01-2025 12:36

حدد “مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية”، في دراسة أصدرها يوم 13 يناير/كانون الثاني الجاري، ثلاثة مشروعات تركية تقلق إسرائيل، أولها: مشروع إنشاء أنبوب غاز بين قطر وتركيا عبر سورية، يباع من خلاله الغاز لأوروبا. والثاني: ربط تركيا بـ “خط الغاز العربي”، عبر جزئه السوري، وهو مشروع يقوم على نقل فائض الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن ولبنان وسورية، وعام 2004 سُمح للعراق بالربط مع الخط لتصدير الغاز العراقي إلى أوروبا عبر تركيا.

أما المشروع التركي الثالث فهو: إنشاء أنابيب نفط دائمة في سورية تحل محل شحنات الوقود الإيرانية. وتسعي تركيا في هذا الصدد لاستنهاض قطاع الطاقة السوري، حيث تعد سورية الدولة الوحيدة المنتجة للنفط من بين دول شرق البحر الأبيض المتوسط الأربع، وتقدر احتياطاتها النفطية المؤكدة بنحو سبعة مليارات برميل.

ولأن أغلب مناطق النفط تسيطر عليها أميركا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التابعة لواشنطن، تشجع تركيا المفاوضات الجارية حالياً بين حكومة سورية الجديدة وقسد لإنهاء سيطرة التنظيم على المناطق النفطية، حيث هدد وزير الدفاع السوري في 22 يناير الجاري بأن قواته جاهزة لطرد “قسد” من شرق سورية بالقوة. وتشجع تركيا على رفع العقوبات عن سورية، لمباشرة الشركات العالمية التنقيب والاستكشاف واستخراج النفط والغاز والثروة المعدنية.

ورغم تأكيد محللي “مركز بيغن-السادات” أن بعض هذه المشاريع التركية يمكن أن يقوض المصلحة الإسرائيلية في أن تصبح إسرائيل “جسراً للطاقة” بين الشرق الأوسط وأوروبا، إلا أنهم أشاروا إلى أن بعضها يتضمن إمكانات لتطوير أسواق جديدة أمام إسرائيل لبيع الغاز الطبيعي ونقل الوقود والكهرباء إلى دول المنطقة، ولكن بشرط تحسن العلاقات الإسرائيلية التركية، وقبول تركيا هذا التعاون مع الاحتلال.

تركيا ودبلوماسية الطاقة

وأكد تحليل لمعهد “تشاتام هاوس” البريطاني، 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تصاعد طموحات تركيا في مجال الطاقة بعد سقوط الأسد، ضمن توسيع نفوذها الإقليمي عبر ما يُسمى “دبلوماسية الطاقة”. وأشار التحليل إلى سعي أنقرة للتفاوض على “اتفاقيات دفاع” مع الحكومة الجديدة في دمشق، على غرار اتفاقيات مماثلة مع الصومال وليبيا، بهدف توسيع العمق الاستراتيجي لتركيا بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وخدمة مشاريعها للطاقة.

وأكد المعهد البريطاني أن هذه الخطط تستهدف “ترسيخ مكانة تركيا مركزاً رئيسياً للطاقة في المنطقة”، مشيراً إلى أن أنقرة استضافت لهذا الغرض وزراء البلدان الرئيسية المنتجة للغاز، في أذربيجان وليبيا وأوزبكستان، وممثلين لدول عبور الغاز، مثل جورجيا، بجانب المستوردين من أوروبا الشرقية، أواخر العام الماضي. وتتمثل رؤية أنقرة بأن تعمل تركيا بصفتها نقطة عبور رئيسية بين منتجي الغاز، وصولاً إلى الشرق والجنوب، والأسواق الغربية، وفق معهد “تشاتام هاوس”.

ويدعم الطموحات التركية امتلاكها سبعة خطوط أنابيب للغاز، وخمس محطات للغاز الطبيعي المسال، وثلاث وحدات تخزين عائمة، ومنشأتين للتخزين تحت الأرض، فضلاً عن قدرة استيراد فائضة كبيرة يمكن استغلالها لتعزيز التجارة. وتسعى أنقره لتكون هذه الخطوط الثلاثة الجديدة على غرار خط أنابيب الغاز الطبيعي الحالي الذي يمر عبر الأناضول، ناقلاً الغاز الأذربيجاني إلى أوروبا.

ويشير معهد “تشاتام هاوس” إلى أنّ تعرقل مشاريع إسرائيلية مشابهة خدم تركيا، إذ واجه مشروع خط أنابيب “إيست ميد”، الذي يربط إسرائيل وقبرص باليونان، والمدعوم من منتدى غاز شرق المتوسط، صعوبة في تحقيق الجدوى الفنية والمالية منه، وتعرّض لضربة أكبر، حين سحبت الولايات المتحدة الدعم المقدم له عام 2022.

ويقول الخبير المصري “بشير عبد الفتاح” إن “دبلوماسية الطاقة” تشكل إحدى دعائم القوة الناعمة لتركيا، وتعد أداة فاعلة من أدوات سياستها الخارجية”، مشيراً إلى أن هذه السياسة غذت مساعي أنقرة لتعزيز نفوذها في سورية ما بعد الأسد، لترسيخ مكانتها مركزاً استراتيجياً للطاقة”.

وأوضح، في مقال بصحيفة “الشروق” 6 يناير الجاري، أن فرص تركيا قوية لإنشاء ممرات للطاقة تنافس إسرائيل، لأنها تعتمد على بنية أساسية طاقوية تتمثل بسبعة خطوط أنابيب لنقل الغاز، وخمس محطات لتسييل الغاز الطبيعي، وثلاث وحدات تخزين عائمة، ومنشأتين للتخزين تحت الأرض، فضلاً عن قدرة هائلة على الاستيراد والتسويق.

خط تركيا – قطر يدمر أحلام إسرائيل

وكان مشروع خط الأنابيب بين تركيا وقطر، الذي يهدف إلى ربط حقول الغاز الطبيعي القطرية بتركيا عبر السعودية والأردن وسورية، قد تعرض للتهميش خلال حكم الأسد، بسبب صراعه مع تركيا ولحماية صادرات الغاز الروسية إلى الأسواق الأوروبية، ولكن أعيد إحياؤه بعد يومين فقط من سقوط الأسد، بتصريحات من وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار. وتشير تقديرات إسرائيلية وغربية إلى أن هذا الخط تحديداً يقلق إسرائيل، لأنه منافس قوي لخطط تحويل إسرائيل، عبر مصر، لمركز للطاقة في المنطقة يُصدر لأوروبا، خصوصاً أن تكاليفه ستكون أرخص، ولخط “الممر الهندي”.

ويخدم خط الغاز المشترك مع قطر عدة مصالح تركية مهمة، إذ يسمح لتركيا بتعزيز مكانتها باعتبارها دولة بديلة أساسية للغاز الروسي، بالنسبة إلى أوروبا، كذلك سيوفر لها مصدراً أساسياً للغاز رخيص الثمن، لتستخدمه بمنطقة جنوب شرق تركيا التي تعاني انقطاع الكهرباء في الشتاء.

ولا يوجد موعد محدد لإنشاء هذا الخط، ولا تقديرات بشأن التكلفة الممكنة للمشروع. وتشير تقديرات “معهد بيغن-السادات” إلى أن قطر تريد الانتظار لترى استقرار الحُكم الجديد في سورية وعدم وجود أخطار أمنية، كي لا تنفق مليارات الدولارات في إنشاء الخط العابر للدول، خصوصاً أنه سيمر في مناطق قد تكون عرضة لهجمات من “داعش”، أو غيره.

الممر الهندي في خطر

وتخشى إسرائيل أن يؤثر خط الطاقة بين تركيا وقطر عبر سورية في تقويض فكرة “الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا” أو “The India-Middle East-Europe Economic Corridor (IMEC)”، وهو ممر يهدف إلى ربط موانئ الهند بالاتحاد الأوروبي، عبر إسرائيل والإمارات وبديل لقناة السويس، بعد استهداف الحوثيين سفناً متجهة إلى إسرائيل.

وتتمحور فكرة هذا المشروع، الذي تدعمه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حول ربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط، بما يخفض التكاليف اللوجستية للنقل. ويتكون المشروع من ممرين: “الشرقي”، ويربط الهند بدول الخليج العربي، و”الشمالي”، الذي يربط دول الخليج بأوروبا عبر الأردن وإسرائيل.

وفي 9 سبتمبر/أيلول 2023، خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، أعلنت الولايات المتحدة والهند والسعودية، إنشاء مشروع الممر الاقتصادي، الذي من المقرر أن يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، عبر السعودية والإمارات والأردن وإسرائيل، بحسب وكالة “رويترز”.

أيضا تسعى اليونان وقبرص وإسرائيل للتصدي لمخططات الطاقة التركية في سورية، عبر إفشال مخطط أنقرة لإبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع الحكومة السورية الجديدة، لأنها تتصادم مع مشروع خط أنابيب الغاز، الذي يربط إسرائيل بقبرص واليونان.

SİZİN DÜŞÜNCELERİNİZ?
BUNLAR DA İLGİNİZİ ÇEKEBİLİR
ÇOK OKUNAN HABERLER