السياسة

بيدرسون يعود لدمشق لمواصلة الاتصالات والحلول السياسية

أفاد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، سيعود إلى دمشق هذا الأسبوع لمتابعة لقاءاته مع مسؤولي حكومة تصريف الأعمال السورية وممثلين عن مختلف شرائح المجتمع السوري.

بيدرسون يعود لدمشق لمواصلة الاتصالات والحلول السياسية
18-02-2025 10:55

أوضح دوجاريك، خلال المؤتمر الصحفي اليومي في مقر الأمم المتحدة، أن زيارة بيدرسون تأتي بعد مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن، حيث أجرى مناقشات مع مسؤولين رفيعي المستوى من سوريا وفرنسا وألمانيا والعراق والإمارات العربية المتحدة.

وأكد المبعوث الأممي خلال اللقاءات على أهمية دعم المجتمع الدولي لعملية سياسية يقودها السوريون أنفسهم، بما يضمن تحقيق الاستقرار في البلاد.

وشارك بيدرسون في حدث جانبي ضمن المؤتمر حول المرأة والسلام والأمن، حيث دعا جميع الأطراف في سوريا إلى الالتزام بالتزاماتها الدولية واحترام حقوق المرأة، وضمان مشاركتها الفاعلة في بناء مستقبل البلاد، من خلال تأمين فرص التعليم، حرية التنقل، التمثيل السياسي، والحماية من العنف والاستغلال.

تأتي زيارة بيدرسون إلى دمشق المرتقبة، في ظل المتغيرات الجذرية التي شهدتها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد وهروبه إلى روسيا، حيث أعلنت القيادة الجديدة أن تطبيق القرار الأممي 2254 لم يعد ممكناً بالصيغة التي تم اعتمادها سابقاً.

حيث ترى الحكومة السورية الانتقالية أن هذا القرار كان قائماً على مرحلة سابقة باتت غير موجودة اليوم، خاصة بعد تفكك النظام القديم وانهيار مؤسساته الأمنية والعسكرية.

وفي هذا السياق، تتجه السلطة الحالية نحو مسار مختلف للتسوية السياسية، يرتكز على حوار داخلي يشمل مختلف مكونات الشعب السوري، مع إعادة تشكيل المؤسسات السياسية والعسكرية بما يتلاءم مع المتغيرات الجديدة.

ورغم استمرار الأمم المتحدة في الترويج للحل وفق القرارات الدولية، إلا أن الواقع الجديد يفرض إعادة النظر في آليات التنفيذ بما ينسجم مع معطيات المرحلة الانتقالية.

وتأتي هذه التحركات في وقت انطلقت فيه أعمال اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي عقدت أولى جلساته في مدينة حمص، بهدف التمهيد لمؤتمر شامل يناقش مستقبل سوريا في المرحلة الانتقالية، بعيداً عن الأطر السابقة التي لم تحقق تقدماً فعلياً في السنوات الماضية.

تعقيدات مهمة بيدرسون في ظل الرفض الكردي والتباينات الداخلية

يواجه المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، مهمة صعبة في ظل التحديات الداخلية والخلافات المتصاعدة بين القوى الفاعلة على الأرض، ما يجعل أي محاولة لدفع العملية السياسية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. يأتي ذلك بعد سقوط نظام الأسد وهروب رئيسه المخلوع بشار الأسد إلى روسيا، وهو ما غير موازين القوى وخلق واقعًا جديدًا فرض نفسه على المسار السياسي.

رفض قسد لمؤتمر الحوار الوطني

من أبرز العقبات التي تعترض طريق بيدرسون هو موقف “الإدارة الذاتية” التابعة لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، التي رفضت الاعتراف بشرعية مؤتمر الحوار الوطني السوري واعتبرت تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر خطوة تعكس “قصورًا واضحًا في عملية التحول الديمقراطي”، على حد تعبيرها.

وترى “قسد” أن عدم إشراكها في الحوار هو محاولة “لتهميش إرادة حوالي خمسة ملايين سوري” يعيشون في مناطق سيطرتها، وهو ما دفعها إلى إعلان أن أي قرارات تصدر عن المؤتمر لن تكون ملزمة لها.

ويأتي هذا الموقف في وقت تشهد فيه مناطق شمال وشرق سوريا معارك عنيفة، حيث تتعرض “قسد” لضغط عسكري متزايد من فصائل من الجيش الوطني السوري التي تسعى للسيطرة على مناطق قسد.

موقف السويداء غير الواضح

إلى جانب الرفض الكردي، يشكل الموقف غير الواضح لمحافظة السويداء عاملاً إضافيًا يعقد مهمة بيدرسون، حيث لم تحسم القوى الفاعلة هناك توجهها النهائي بشأن المشاركة في العملية السياسية الجديدة، حيث تطالب فعاليات بالمدينة بالحكم اللامركزي وعدم فرض أي تسوية سياسية عليه دون ضمانات واضحة. 

مخاوف الأقليات.. العلويون والمسيحيون بين القلق والترقب

أما على صعيد الأقليات الدينية، فقد ألقى التغيير السياسي الكبير بظلاله على المكونات العلوية والمسيحية، التي وجدت نفسها أمام واقع جديد، بالنسبة للطائفة العلوية، التي كانت تشكل القاعدة الرئيسية لنظام الأسد، فإن سقوط النظام ترك فراغًا كبيرًا، وأثار مخاوف حول مستقبلها في سوريا الجديدة، لا سيما بعد عقود من ارتباطها الوثيق بمؤسسات النظام الأمنية والعسكرية.

أما المسيحيون، فيواجهون تحديات مماثلة، حيث يسود القلق بشأن ضمان التمثيل السياسي العادل في المرحلة الانتقالية، وتأمين الحماية المجتمعية، وعلى الرغم من محاولات الحكومة الجديدة طمأنة هذه المكونات بشأن حقوقها ودورها في المستقبل، إلا أن غياب رؤية واضحة ومخاوف التهميش تجعل من مشاركتها في أي حوار سياسي أمرًا يحتاج إلى ضمانات ملموسة.

في ظل هذه المعطيات، تبدو مهمة بيدرسون أكثر تعقيدًا، حيث لا تقتصر التحديات على التوصل إلى صيغة سياسية توافقية، بل تمتد إلى ضرورة معالجة الانقسامات العميقة داخل سوريا، وتأمين تمثيل حقيقي لكافة المكونات، مع ضمان عدم استغلال هذه المرحلة من قبل جهات داخلية أو خارجية لتحقيق مكاسب ضيقة.

SİZİN DÜŞÜNCELERİNİZ?
BUNLAR DA İLGİNİZİ ÇEKEBİLİR
ÇOK OKUNAN HABERLER