
قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أرسل سكرتيره العسكري إلى موسكو لبحث ضمان بقاء روسيا في سوريا على حساب تركيا.
وأوضحت تقارير عبرية أخرى أن إسرائيل تكثّف جهودها في الولايات المتحدة للحفاظ على سوريا كدولة ضعيفة وغير مركزية، وذلك في مواجهة النفوذ التركي المتزايد في المنطقة. ووفقًا لتقرير نشرته وكالة رويترز للصحفيين هيميرا باموك ومايا جيبيلي، تدعم إسرائيل استمرار القواعد العسكرية الروسية في سوريا كجزء من استراتيجيتها الإقليمية.
وبحسب التقرير، عقد مسؤولون إسرائيليون اجتماعات رفيعة المستوى مع نظرائهم الأمريكيين في واشنطن خلال فبراير/شباط الماضي، ثم أجروا لقاءات إضافية مع ممثلين عن الكونغرس الأمريكي في إسرائيل. وتهدف هذه اللقاءات إلى تقديم رؤية إسرائيل لمستقبل سوريا، وسط مخاوف من تنامي الدور التركي هناك.
وفي هذا الإطار، أعدّت إسرائيل وثيقة غير رسمية تُعرف باسم “الورقة البيضاء”، وجرى تسليمها إلى بعض كبار المسؤولين الأمريكيين، حيث تضمنت تفاصيل السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا والتوصيات التي ترى تل أبيب ضرورة العمل بها لضمان مصالحها الأمنية.
وتخشى إسرائيل من أن يؤدي تنامي النفوذ التركي في سوريا إلى ترسيخ نظام إسلامي قد يتحول مستقبلاً إلى قاعدة لحركة حماس وجماعات أخرى تعتبرها تهديدًا لأمنها. كما أعربت تل أبيب عن عدم ثقتها بجماعة هيئة تحرير الشام، التي كانت تُعرف سابقًا بـ جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا حتى عام 2016.
وفي هذا السياق، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي بأن إسرائيل لن تسمح بوجود هيئة تحرير الشام في جنوب سوريا، مؤكداً أن تل أبيب لن تقبل بأي قوة مرتبطة بالنظام السوري الجديد في جنوب دمشق، كما طالب بنزع السلاح في تلك المنطقة لضمان الأمن الإسرائيلي.
كما طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة، منع تركيا من إقامة 3 قواعد في سوريا، ومنع تشكيل تنظيمات معادية لتل أبيب، حسبما جاء في تقرير لصحيفة “إسرائيل اليوم”.
وقالت مصادر الصحيفة العبرية إن إسرائيل طلبت من واشنطن تمرير رسائل هادئة إلى أنقرة، من أجل منع إنشاء تلك القواعد، كما تمرر إسرائيل رسائل مماثلة إلى تركيا، عبر أذربيجان.
ويتواصل رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مع واشنطن بهذا الشأن، لكن الرد الأميركي لم يتضح بعد، نظراً للمصالح المعقدة التي تربط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره التركي رجب طيب أردوغان.
وقالت المصادر إن أذربيجان تنقل رسائل تهدئة بين إسرائيل وتركيا. وترى تقارير أذربيجانية أنه على الرغم من الخطاب العدائي لأردوغان ودعمه لحماس، فإن باكو ترى بأن إسرائيل لا ينبغي أن تقلق من أردوغان.
وفي وقت سابق، تحدثت تقارير عن عزم تركيا إنشاء 3 قواعد عسكرية جديدة في وسط سوريا، ونشر نظام دفاع جوي ومقاتلات حربية، ضمن اتفاقية دفاع مشتركة مع سوريا، لكن أنقرة نفت ذلك رسمياً.
العلاقات التركية السورية بعد سقوط نظام البعث
وفي تطور تاريخي، أُعلن يوم الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 عن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، بعد دخول الفصائل السورية المسلحة إلى العاصمة دمشق. وفرّ الأسد إلى موسكو، منهياً بذلك حكماً دام 24 عاماً، امتداداً لسيطرة عائلته على السلطة منذ عام 1970.
وجاء هذا التحول بعد نحو 14 عاماً من اندلاع الثورة السورية، حيث صعّدت الفصائل المسلحة عملياتها العسكرية منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024، انطلاقاً من ريف حلب الغربي وصولاً إلى دمشق، لتنتهي بذلك 61 عاماً من حكم حزب البعث وحقبة الأسد في سوريا.
بدورها، أعلنت تركيا دعمها للإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، وأعادت فتح سفارتها في دمشق بعد نحو 12 عاماً من الإغلاق. وجاء ذلك بعد زيارة رئيس جهاز الاستخبارات التركي، إبراهيم كالن، للعاصمة السورية، في خطوة عكست تأييد أنقرة للتحولات السياسية في البلاد.
وفي أول زيارة لمسؤول أجنبي بعد سقوط النظام، وصل وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى دمشق يوم 22 ديسمبر/كانون الأول 2024، حيث أجرى مباحثات مع الرئيس الشرع ومسؤولين آخرين. واستمر تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، حيث زار وزير خارجية سوريا الجديد، أسعد الشيباني، أنقرة في 14 يناير/كانون الثاني 2025، بينما شهدت العاصمة التركية يوم 4 فبراير/شباط 2025 زيارة تاريخية لرئيس سوري، هي الأولى منذ 15 عاماً.
من جانبه، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراراً التزام بلاده بدعم سوريا في مرحلة ما بعد سقوط النظام، سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً وعسكرياً. كما شدد على رفض تركيا القاطع لـ”الأطماع الانفصالية” في سوريا، إلى جانب إدانته للهجمات الإسرائيلية التي تصاعدت عقب انهيار نظام الأسد.
ويتواصل التعاون التركي السوري حاليا في شتى المجالات وعلى رأسها الاقتصاد والتجارة والنقل، حيث رفعت تركيا قيودا تجارية كانت مفروضة زمن النظام المخلوع، فيما تقدم مؤسسات القطاع العام والخاص التركية مساعدات مختلفة لسوريا سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي.