تعد عملية الدخول البري للمدينة للمرة الأولى منذ سنوات حيث فشلت قوات الأسد في السيطرة على المدينة التي تحررت من قبضة النظام على يد الجيش الحر عام 2012 وكذلك لم يسبق للنظام اقتحامها حتى بعد اتفاقيات التهجير القسري عام 2018.
وقال ناشطون في المدينة إن قوات الأسد بدأت ظهر اليوم الانسحاب من المدينة بعد جولة شكلية للتصوير والاستعراضات فقط، وسط معلومات عن إقامة نقاط وحواجز تفتيش على طريق حمص حماة، دون تأكيد حول تثبيت هذه النقاط العسكرية أم أنها مؤقتة لحين إتمام الانسحاب من داخل المدينة.
وترافق دخول مجموعات للنظام مع تحليق للطيران المروحي والاستطلاع في سماء المنطقة على علو منخفض، في حين رفض غالبية الأهالي رفضوا إجراء مقابلات لصالح تلفزيون النظام، وسط حركة محدودة للأهالي عملا بحالة حظر تجوال غير معلن خيم على المدينة خلال تجوال عناصر قوات النظام.
ومنذ سنوات يكرر نظام الأسد فرض مطالب إنشاء مركز للمصالحة، وحواجز عسكرية داخل المدينة وتسليم مطلوبين وأسلحة، ويذكر أن خلال الاقتحام الأخير لم تسجل أي حالات اعتقالات يحاول النظام ترويج السيطرة على المدينة.
علما بأن بعض الأهالي غادروا منازلهم ضمن حالات نزوح داخلي وسط تخوف وتوتر من غدر النظام المعتاد وسط حالة استنفار وتوتر وأجواء مشحونة داخل المدينة بسبب عدم الثقة بالضمانات المعلنة من جهة نظام الأسد بما يخص عدم التعرض للسكان.
ونشرت وسائل إعلام موالية لنظام الأسد صورا لمشاركة عشرات العناصر من الفرقة 25 والحرس الجمهوري مدعومين بآليات عسكرية ثقيلة، بحجة ملاحقة تجار المخدرات وعصابات الخطف والسلب، ويأتي ذلك بعد عدة اجتماعات بين ممثلي عن مخابرات الأسد ووجهاء المدينة.
وزعم تلفزيون تابع لنظام الأسد أن الحملة تستهدف تجار المخدرات وعصابات الخطف والسلب التي تقطع الاوتستراد الدولي حمص – حماة كل حين وآخر، وادعى أن "الأمور هادئة وطبيعية في المدينة عكس ما يشاع عن نزوح جماعي من قبل الأهالي".
وتم تردد شعارات عبر مكبرات صوت جوالة، جاء فيها "آن الأوان إلى وقف سفك الدم والخلاص، ندعوكم إلى ترك السلاح والعودة إلى حضن الوطن، الحرب اقتربت من نهايتها كما فعل الآلاف قبلكم، إن الجيش العربي السوري يدعوكم لتسليم أنفسكم وسلاحكم".
وروجت صفحات موالية منشورات تحريضية ضد المدينة ودعت إلى التعامل بقوة وعنف، وقالت وسائل إعلام تابعة للنظام إن ما وصفتها بـ"الجهات المختصة" وبالتعاون مع الأهالي "قامت بحملة لتوقيف الأشخاص الخارجين عن القانون من أجل عودة الأمن والأمان"، وفق زعمها.
ويذكر أن نظام الأسد كان أمهل الأهالي في تلبيسة خلال العام الفائت مدة 15 يوما لتنفيذ مطالب يعلق بعضها بتسليم سلاح ومطلوبين للنظام، مهددا باقتحام المدينة أو التهجير للشمال السوري، بحال عدم التسليم والرضوخ للمطالب، وطالما يرسل النظام تعزيزات عسكرية في مثل هذه المفاوضات، محاولاً الضغط على الأهالي شمال حمص، وسط حالة من التوتر المتصاعد تُضاف إلى حالة الفلتان الأمني التي تعيشها المنطقة منذ سيطرة النظام وروسيا عليها في أيار 2018.
وكان عقد "لوقا" عدة اجتماعات بشأن مدينة تلبيسة، وكرر تهديدات تشبيحة بمداهمة المدينة واعتقال الرافضين للتسوية، فيما تشهد منطقة الريف الشمالي لمحافظة حمص بين فترة وأخرى توترات أمنية سواء على صعيد جرائم السرقة أو حتى التصفية أو حتى الخطف مقابل الفدية المالية، بالتزامن مع غياب أي دور لأجهزة أمن النظام.
وتشير مصادر إلى أن المنطقة تشهد فوضى أمنية ملحوظة منذ سيطرة قوات النظام عليها في عام 2018، الأمر الذي ساعد على انتشار الجريمة وعلى رأسها جرائم السرقة ويذكر أن عصابات السرقة تتجاوز كل الخطوط الحمراء، من ناحية عدم الخوف من ارتكاب تلك العمليات كونها تحتمي بحماية عناصر أمن النظام الذين يتقاسمون معهم المسروقات وعوائد الخطف والسلب.