يأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة اليمينية لتصنيف “مناطق آمنة” في سوريا والإعلان عن “أزمة لجوء” في البلاد بهدف الحد من تدفق طالبي اللجوء وجعل البلاد “غير مرغوبة” للاجئين.
هولندا.. “شروط صارمة” للم شمل اللاجئين
ونقلت قناة “آر تي آل نيوز” الهولندية عن مصادر في الحكومة قولها بأنه قبل أن يتمكن لاجئ ما من إحضار عائلته، يجب أن يكون مقيماً في البلاد لمدة عامين على الأقل وفق برنامج مجلس الوزراء المقبل.
كما يجب أن يكون لدى حامل الإقامة أيضاً منزل يسكن فيه إضافة إلى “دخل خاص” به أي عدم الاعتماد على “الإعانة الإجتماعية” المقدمة من الحكومة الأمر الذي يعد تشديداً كبيراً للقواعد الحالية للم شمل الأسرة.
وتعتبر هذا الشروط صعبة التحقيق خصوصاً شرط العمل حيث من الصعب على اللاجئ الذي لا يمتلك “لغة كافية” الدخول إلى سوق العمل لا سيما أن كثيراً من الشركات تطلب امتلاك المتقدمين للعمل ومستوى جيداً من اللغة.ويحتاج كثير من اللاجئين السوريين خصوصاً الكبار في السن أو “الأميين” إلى سنوات لتعلم اللغة الهولندية قبل الانخراط بسوق العمل.
كما أن شرط الإقامة لمدة عامين قبل “لم الشمل” يعني أن على اللاجئ الانتظار لمدة عامين على الأقل إضافة إلى الفترة التي سينتظرها للحصول على تصريح الإقامة والتي تقدر بأكثر من عامين أحياناً.
وفي عام 2022، أراد وزير الدولة لشؤون اللجوء آنذاك، إريك فان دير بورخ، أيضاً تشديد قواعد لم الشمل لكنه لم ينجح بتنفيذ إلا شرط العثور على منزل.
وقد تم رفض هذا الإجراء في العديد من القضايا أمام المحاكم الهولندية لأنه يتعارض مع القانون الهولندي والأوروبي، كما أصدر “مجلس الدولة” أعلى هيئة قضائية في هولندا حكماً ضد هذا الإجراء.
وخلال المفاوضات حول سياسة الهجرة واللجوء في حكومة مارك روته السابقة في ربيع عام 2023، كان من الصعب الإتفاق على تشديد قواعد لم شمل الأسرة والحد من تدفق اللاجئين الأمر الذي أدى إلى استقالة حكومة روته بنهاية المطاف.
خلافات ضمن الحكومة الهولندية
ولمنع سقوط الإجراءات المشددة المرتقبة أمام المحاكم مرة أخرى، يريد مجلس الوزراء الحالي وضع الشروط في التشريع الجديد أي جعله قانون وهذا يعني أن التشديد يجب أن يظل قائماً، ولا يزال الأمر غير واضح بشكل كامل.
ويقول الصحفي الهولندي فونس لامبي: “هذا أحد المواضيع الأكثر حساسية في اتفاق الائتلاف”، مضيفاً “لقد ركزت الحكومة السابقة على تشديد القواعد المتعلقة بلم الشمل.. وهذا يسبب أيضاً كثيراً من المناقشات في الائتلاف اليميني الحالي. وحزب عقد اجتماعي جديد (يمين وسط) وحزب الحرية (يمين) على وجه الخصوص يتعارض بعضهما مع بعض تماماً”.
ويقول الصحفي لامبي: “سيتم إدراج الشروط في برنامج الحكومة، لكن القانون الجديد لن يأتي إلا لاحقاً.. سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان سيمثل أمام المحكمة هذه المرة وسيظل ضمن القواعد الأوروبية”.
وحصلت مناقشات كثيرة في مجلس الوزراء خلال الأسبوع الماضي وفق ما ذكرت موقع “آر تي ال نيوز”، ويقول لامبي: “خلف الكواليس، ينظر الناس إلى حزب عقد اجتماعي جديد بعين الريبة”، ويضيف “هل يقف الحزب وراء هذا؟ خاصة الآن بعد أن تنحى زعيم الحزب بيتر أومتزيخت مؤقتاً.. لننتظر.. ونرى”.
اليمين المتطرف الهولندي يزيد مخاوف اللاجئين
ويعاني آلاف اللاجئين السوريين في مراكز اللجوء في هولندا من ظروف صعبة وضغوط نفسية بسبب فترات الانتظار الطويلة للم شملهم مع ذويهم في سوريا ودول اللجوء الأخرى.
وبعد وصول الأحزاب اليمينية إلى الحكم في البلاد زادت مخاوف اللاجئين السوريين على مستقبلهم في هولندا التي غامروا بحياتهم للوصول إليها بهدف أن تكون “وطناً جديداً” لهم ولأبنائهم.
وبحسب تقارير صحفية هولندية ما زال 39280 لاجئاً ينتظر لم شمله بعائلته ويشكل السوريون نسبة 71% منهم إضافة إلى طلبات لم شمل من حملة الجنسيات الأخرى كاليمنية أو التركية أو العراقية.
كما ينتظر عشرات الآلاف من طالبي اللجوء معظمهم سوريون الحصول على تصاريح الإقامة في مراكز الإيواء وسط معاناة من فترات انتظار طويلة جداً.
ووصل عشرات آلاف السوريين إلى هولندا خلال العقد الأخير هرباً من الحرب التي شنها النظام السوري على المدن التي ثارت ضد نظامه، ويقدّر عدد اللاجئين السوريين في هولندا بنحو مئة وخمسين ألفاً، حصل عدد كبير منهم على الجنسية الهولندية، في حين ينتظر البقية الحصول عليها بعد استيفاء الشروط اللازمة وأبرزها: تعلّم اللغة الهولندية وإقامتهم لمدة خمسة أعوام.