
أكد السيناتور جيم ريش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، خلال جلسة استماع بعنوان “ما بعد الأسد: رسم ملامح السياسة الأمريكية تجاه سوريا”، أن سقوط نظام الأسد يضع واشنطن أمام تحديات وفرص جديدة، مشيرًا إلى أن السياسة الأمريكية تجاه سوريا يجب أن تراعي المخاطر المحتملة إلى جانب الفرص التي يوفرها الوضع الجديد.
سقوط الأسد.. تداعيات على إيران وروسيا
قال السيناتور ريش إن المشهد في الشرق الأوسط تغيّر جذريًا بعد هجمات حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، مشيرًا إلى أن نفوذ إيران في المنطقة تعرض لضربات متتالية، حيث تم إضعاف ميليشيا حزب الله، كما تم قطع الطريق على الجسر البري الإيراني عبر سوريا. وأضاف أن سقوط نظام الأسد جاء بمثابة ضربة قوية لروسيا التي فقدت أحد أهم حلفائها في المنطقة.
وأوضح أن واشنطن أمام خيارين، هو الانخراط بسرعة في المشهد السوري الجديد، مما قد يخلق تحديات أمنية، بينما سيكون التباطؤ في التفاعل، قد يسمح لروسيا وإيران بإعادة بناء نفوذهما في البلاد.
وأشار إلى أن رفع العقوبات الاقتصادية بسرعة قد ينطوي على مخاطر، وأن العلاقات مع سوريا الجديدة يجب أن تستند إلى خطوات ملموسة وليس وعودًا.
تحفظات أمريكية على أحمد الشرع
أكد ريش أن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع قدّم نفسه كقائد معتدل، لكنه أشار إلى ماضيه، متهمًا إياه بأنه كان على صلة بجماعات متطرفة مثل القاعدة في العراق وداعش. ومع ذلك، اعترف بأن معظم هذه الارتباطات تعود إلى الماضي، مضيفًا:
“علينا أن نكون منصفين. الشرع يقول الأشياء الصحيحة الآن، ولكن أفعاله المستقبلية ستحدد مصداقيته.”
الشروط الأمريكية الأربعة للتعامل مع سوريا
وضع السيناتور ريش أربعة مطالب رئيسية يجب على الحكومة السورية الانتقالية الالتزام بها قبل أن توسع الولايات المتحدة تعاملها مع دمشق:
1. ضمان عدم تحول سوريا إلى منصة لهجمات إرهابية
• شدد على ضرورة التأكد من أن الأراضي السورية لن تُستخدم كنقطة انطلاق لهجمات ضد الولايات المتحدة أو حلفائها.
• دعا إلى إزالة جميع مخزون الأسلحة الكيميائية التي استخدمها نظام الأسد سابقًا.
2. إخراج روسيا وإيران نهائيًا من سوريا
• أكد أن موسكو يجب أن تفقد قواعدها العسكرية على البحر الأبيض المتوسط.
• أعرب عن قلقه من استضافة دمشق وفدًا روسيًا لمناقشة اتفاقيات عسكرية جديدة، واعتبر ذلك مؤشرًا خطيرًا.
3. القضاء على تجارة المخدرات
• اعتبر ريش أن نظام الأسد حوّل سوريا إلى دولة مخدرات، حيث لعبت تجارة الكبتاغون والمخدرات الأخرى دورًا رئيسيًا في تمويل النظام السابق.
• أكد ضرورة تفكيك هذه الشبكة بالكامل كشرط أساسي لرفع العقوبات.
4. الكشف عن مصير الأمريكيين المحتجزين في سوريا
• شدد على أن الإدارة الانتقالية يجب أن تقدّم معلومات واضحة حول مصير المعتقلين الأمريكيين، مثل الصحفي المفقود أوستن تايس.
• قال إن هذا الملف أولوية قصوى لواشنطن، وإن على الحكومة السورية الجديدة التعامل معه بجدية إذا كانت تريد بناء علاقات قوية مع الولايات المتحدة.
مخاوف من عودة الاستبداد في سوريا
أشار ريش إلى أن الشرع قام بحل الدستور السوري وعيّن نفسه رئيسًا لمدة أربع سنوات، محذرًا من أن واشنطن لن تدعم أي حكومة استبدادية جديدة. وقال:
“السوريون يستحقون خارطة طريق سياسية تعيد السلطة إلى الشعب، وليس إلى دكتاتورية جديدة تهدد أمنهم أو أمن الولايات المتحدة.”
وأكد أن واشنطن تريد أفعالًا وليس وعودًا من الحكومة السورية الانتقالية، مضيفًا:
“إذا أراد القادة الجدد في سوريا صداقة الولايات المتحدة، فليثبتوا ذلك بالأفعال.”
العقوبات الأمريكية: التخفيف المشروط
أشار ريش إلى أن البيت الأبيض يعمل حاليًا على صياغة سياسة جديدة تجاه سوريا، لكنه شدد على أن أي تخفيف للعقوبات، خاصة تلك المفروضة بموجب قانون قيصر، يجب أن يكون تدريجيًا ومشروطًا.
وأوضح أنه يؤيد فكرة رفع العقوبات بشكل تدريجي وفقًا لسلوك الحكومة السورية الجديدة، مضيفًا:
“لن نرفع العقوبات دفعة واحدة. يجب أن نرى كيف تتصرف الحكومة الجديدة، وإذا كانت تلتزم بشروطنا، سنواصل عملية تخفيف العقوبات.”
وختم حديثه بدعوة مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى التحرك بسرعة لاتخاذ قرارات حاسمة حول السياسة الأمريكية في سوريا، مشددًا على أن الوقت عنصر حاسم في تحديد مستقبل العلاقات بين واشنطن ودمشق.